السبت، 31 ديسمبر 2016


الأحد، 28 أغسطس 2016

بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ العِيدَينِ وَدَعوَةَ المُسلِمِينَ، وَيَعتَزِلنَ المُصَلى

حَدثَنَا مُحَمدٌ هُوَ ابنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخبَرَنَا عَبدُ الوَهابِ، عَن أَيوبَ، عَن حَفصَةَ، قَالَت: كُنا نَمنَعُ عَوَاتِقَنَا أَن يَخرُجنَ فِي العِيدَينِ، فَقَدِمَتِ امرَأَةٌ، فَنَزَلَت قَصرَ بَنِي خَلَفٍ، فَحَدثَت عَن أُختِهَا، وَكَانَ زَوجُ أُختِهَا غَزَا مَعَ النبِي صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ ثِنتَي عَشرَةَ غَزوَةً، وَكَانَت أُختِي مَعَهُ فِي سِت، قَالَت: كُنا نُدَ اوِي الكَلمَى، وَنَقُومُ عَلَى المَرضَى، فَسَأَلَت أُختِي النبِي صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: أَعَلَى إِحدَانَا بَأسٌ إِذَا لَم يَكُن لَهَا جِلبَابٌ أَن لاَ تَخرُجَ؟ قال:«  لِتُلبِسهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلبَابِهَا وَلتَشهَدِ الخَيرَ وَدَعوَةَ المُسلِمِين»
،فَلَما قَدِمَت أُم عَطِيةَ، سَأَلتُهَا أَسَمِعتِ النبِي صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ؟ قَالَت: بِأَبِي، نَعَم، وَكَانَت لاَ تَذكُرُهُ إِلا قَالَت:  بِأَبِي، سَمِعتُهُ يَقُولُ:«
يَخرُجُ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ، أَوِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ، والحُيضُ، وَليَشهَدنَ الخَيرَ، وَدَعوَةَ المُؤمِنِينَ،وَيَعتَزِلُ الحُيضُ المُصَلى»
قَالَت حَفصَةُ: فَقُلتُ الحُيضُ، فَقَالَت: أَلَيسَ تَشهَدُ عَرَفَةَ، وَكَذَا وَكَذَا .

أخرجه مسلم في العيدين باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى رقم 890

الأربعاء، 24 أغسطس 2016

باب الصلاة.

باب فضل قول:{{اللَهم ربنا لَكَ الحمد}}


حدثناعبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن سُمَيْ عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم  قال :{{إذا قال الإمام سمع اللهُ لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ماتقدم من ذنبه}}.

الاثنين، 22 أغسطس 2016

مفهوم الرقية الشرعية


الُّرقية الشرعية


  • هديٌّ نبويٌّ وسنةٌ فعلها النبي عليه السلام والصحابة من بعده وهي التوجه إلى الله واللّجوء إليه بأسمائه وصفاته الحسنى دون شريك أو وسيطٍ؛ وقد غفل كثير من الناس عن الرُّقية ولجأوا إلى السِّحر والشعوذة والدجالين لإزالة ما حلّ بهم من العين والحسد.
  • فالحسد والعين حقٌ ثَبُت وقوعه في القرآن والسُّنة؛ قال تعالى: (وإن يكاد الذين كفروا ليُزلقونك بأبصارهم) [القلم: 51]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ) العَين حقّ ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استُغسلتم فاغتسلوا) رواه مسلم. ومن باب الأخذ بالأسباب وللوقاية من العين يستحبّ قراءة سورة الصمد، والمعوذتين بعد صلاتي الفجر والمغرب ثلاثة مرّات، والتعوّذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق ثلاث مرات في الصباح والمساء.
  • الإنسان قد يعين نفسه كما يعين غيره؛ لأنّ العائن حسب اعتقاد بعض المتخصصين يعجبه الشيء الذي يراه من لباس أو متاع أو جمال بشيء ما فتتمناه النفس بشدة وتنطلق من العين ذبذبات سامّة تؤثّر فيما تقع عليه، وعلاج هذا الأمر كما علمنا الرسول الكريم بالتبريك: أي أن يقول من يرى ما يعجبه من نفسه أو غيره بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله اللهم بارك له فيما أعطيته وارزقني خيراً منه.



أدعية الصباح والمساء



الدعاء
  • كلمة الدّعاء لغةً في الأصل مصدر من قولك: دعوتُ الشيء أدعوه دعاءً، وهو أن تُميل الشيءَ إليك بصوت وكلام يكون منك. مقاييس اللّغة 2/279 . أمّا اصطلاحاً فتعدّدت المعاني عند العلماء، فقال الخطابي: (معنى الدّعاء استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحَول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثّناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه) شأن الدّعاء، ص4 ، وقال ابن منظور: (هو الرّغبة إلى الله عز وجلّ) لسان العرب ، والآتي بعض الأدعية المأثورة.



أدعية الصباح والمساء

  • قَال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ) الترمذي،3388 .
  •  دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد ، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة ، فقال : ( يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ) ، قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ، قال : ( أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا ، إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ : أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ ) ، قال قلت : بلى يا رسول الله ، قال : ( قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ )، قال ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني. ابو داوود، 1555
  •  عن عبادة بن مسلم الفزاري حدّثني جُبير بن أبي سليمان بن جُبير بن مُطْعِم قال: سمعت ابن عمر يقول: لم يكن رسول الله -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- يَدع هؤلاء الدّعوات حين يُمسي وحين يُصبح: (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة, اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودُنْياي, وأهلي, ومالي, اللهم استر عوراتي -وفي رواية: عورتي- وآمِنْ روْعاتي, اللهم احفظني من بين يديَّ, ومِنْ خَلْفي, وعن يميني، وعن شمالي, ومن فوقي, وأعوذ بعظمتك أن أُغْتال من تحتي). ابو داوود، 5074
  •  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النَّبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أصبح قال: (اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ)، وَإِذَا أَمْسَى قَالَ: (اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ابو داوود، 5068
  •  أقبَل رجلٌ حتَّى جلَس بين يدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن عندَه فقال: يا رسولَ اللهِ أمَّا السَّلامُ عليك فقد عرَفْناه فكيف نُصلِّي عليك إذا نحن صلَّيْنا في صلاتِنا صلَّى اللهُ عليك ؟ قال: فصمَت حتَّى أحبَبْنا أنَّ الرَّجلَ لم يسأَلْه قال: (إذا صلَّيْتم علَيَّ فقولوا: اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آلِ محمَّدٍ كما صلَّيْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ وبارِكْ على محمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آلِ محمَّدٍ كما بارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنَّك حميدٌ مجيدٌ) البخاري، 3370 .
  •  (الله لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ). البقرة، 255 .
  •  أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ ما في هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر.
  •  آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. البقرة، 268
  •  . أَمْسَيْـنا وَأَمْسـى المـلكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذهِ اللَّـيْلَةِ وَخَـيرَ ما بَعْـدَهـا ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ ما في هـذهِ اللَّـيْلةِ وَشَرِّ ما بَعْـدَهـا ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر.


تفسير الآية 11 من سورة الحجرات

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)

تفسير الآية:ينهى تعالى عن السخرية بالناس ، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الكبر بطر الحق وغمص الناس " ويروى : " وغمط الناس " والمراد من ذلك : احتقارهم واستصغارهم ، وهذا حرام ، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرا عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له ; ولهذا قال : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ) ، فنص على نهي الرجال وعطف بنهي النساء .
وقوله : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي : لا تلمزوا الناس . والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون ، كما قال [ تعالى ] : ( ويل لكل همزة لمزة ) [ الهمزة : 1 ] ، فالهمز بالفعل واللمز بالقول ، كما قال : ( هماز مشاء بنميم ) [ القلم : 11 ] أي : يحتقر الناس ويهمزهم طاعنا عليهم ، ويمشي بينهم بالنميمة وهي : اللمز بالمقال ; ولهذا قال هاهنا : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) ، كما قال : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ]أي : لا يقتل بعضكم بعضا .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) أي : لا يطعن بعضكم على بعض .
وقوله : ( ولا تنابزوا بالألقاب ) أي : لا تتداعوا بالألقاب ، وهي التي يسوء الشخص سماعها .
قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي قال : حدثني أبو جبيرة بن الضحاك قال : فينا نزلت في بني سلمة : ( ولا تنابزوا بالألقاب ) قال : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة ، فكان إذا دعي أحد منهم باسم من تلك الأسماء قالوا : يا رسول الله ، إنه يغضب من هذا . فنزلت : ( ولا تنابزوا بالألقاب )
ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل ، عن وهيب ، عن داود ، به .
وقوله : ( بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) أي : بئس الصفة والاسم الفسوق وهو : التنابز بالألقاب ، كما كان أهل الجاهلية يتناعتون ، بعدما دخلتم في الإسلام وعقلتموه ، ( ومن لم يتب ) أي : من هذا ( فأولئك هم الظالمون )

الشيخ خالد الراشد فك الله أسره.


بحث شامل حول الصلاة

الجزء الأول: الصلاة تعريفها و فضلها 

 1-الصلاة لغة: الدعاء. لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم.
وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصلّ، وإن كان مفطراً فليطعم" رواه مسلم،
أي ليدع لأرباب الطعام.

2-شرعا: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.

فضائل السور

سور الملك

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

من درر الصحابة والتابعين والسلف.


  1. قيل للحسن البصرى - رحمه الله - : ما سر زهدك فى الدنيا ؟ فقال: علمت بأن رزقى لن يأخذه غيرى فاطمأن قلبى له , وعلمت بأن عملى لا يقوم به غيرى فاشتغلت به , وعلمت أن الله مطلع على فاستحييت أن أقابله على معصية , وعلمت أن الموت ينتظرنى فأعددت الزاد للقاء الله.
  2. قال الفضيل - رحمه الله - : كفى بالله محبا , وبالقرآن مؤنسا , وبالموت واعظا , اتخذ الله صاحبا , وذر الناس جانبا.
  3. قال الامام على - رضى الله عنه - : ليس الخير أن يكثر مالك وولدك , ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك.
  4. قال الامام على - رضى الله عنه - : يابن آدم لا تحمل هم يومك الذى لم يأت على يومك الذى أنت فيه , فإن يك من أجلك يأت فيه رزقك , واعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك.
  5. قال أبو ذر - رضى الله عنه - : الصاحب الخير خير من الوحدة , والوحدة خير من جليس السوء , وحامل الخير خير من الساكت , والساكت خير من حامل الشر , والأمانه خير من الخاتمة , والخاتمة خير من الدنيا.
  6. قال أبو سليمان الدارانى : من صدق فى ترك شهوة أذهبها الله من قلبه , والله أكرم من أن يعذب قلبا بشهوة تركت له.
  7. قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - : إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك.
  8. قال سفيان الثورى - رحمه الله - : إذا زهد العبد فى الدنيا أنبت الله الحكمة فى قبله , وأطلق بها لسانه , وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها.
  9. قال الامام على - رضى الله عنه - : من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته.
  10. قال الامام على - رضى الله عنه - : من وضع نفسه مواضع التهمة , فلا يلومن من أساء الظن به.

  • قال أبو الدرداء - رضى الله عنه - : نعم صومعة الرجل بيته , يكف سمعه وبصره ودينه , وعرضه , وإياكم والجلوس فى الأسواق فإنها تلغي وتلهي.
  • قال عمر - رضى الله عنه - : وقد سئل عن السرور ؟ سيرى فى سبيل الله , ووضع جبهتى لله , ومجالستى أقواما ينتقون أطايب الحديث كما ينتقى أطايب الثمر.
  • قال الفضيل بن عياض رحمه الله: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم كبلتك خطيئتك.
  • قال الحسن البصري رحمه الله: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.
  • قال الفضيل بن عياض رحمه الله: بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله.
  • قال الامام على - رضى الله عنه - : من أصلح بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس , ومن أصلح أمر آخرته , أصلح الله أمر دنياه , ومن كان من نفسه واعظ , كان عليه من الله حافظ.

أويس بن عامر بن جزء بن مالك

أويس بن عامر بن جزء بن مالك

هو أويس بن عامر بن جزء بن مالك...المرادي ثم القرني الزاهد المشهور. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره وسكن الكوفة وهو من كبار تابعيها، ومن أفضل التابعين، على خلاف، قال أحمد: هو سعيد بن المسيب، وقيل: هو أويس القرني، وقيل: الحسن والصواب: أويس لما في صحيح مسلم: أن خير التابعين رجل يقال له: "أويس"وبعضهم قال: الأعلم ابن المسيب، والأزهد والعابد: أويس.
عاش في اليمن، وانتقل إلى الكوفة، وكان مع سيدنا علي في صفين وبها لقي الله شهيدًا.


روى عن عمر وعلي، وتعلم على يد كثير من الصحابة ونهل من علمهم حتى صار من أئمة التابعين زهدًا وورعًا، ولقد تعلم منه خلق كثير، تعلموا منه بره بأمه، وتواضعه لربه رغم ما ورد في فضله من أحاديث، ورغم ما ذكره به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وروى عنه بشير بن عمرو وعبد الرحمن بن أبي ليلى ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة وقال كان ثقة وذكره البخاري فقال في إسناده نظر وقال ابن عدي ليس له رواية لكن كان مالك ينكر وجوده إلا أن شهرته وشهرة أخباره لا تسع أحدا أن يشك فيه.
لأويس القرني مكانة عظيمة يعرفها الصحابة رضوان الله عليهم لما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد أفرد الإمام مسلم في صحيحه بابًا من فضائل أويس القرني رضي الله عنه، وروى مسلم بسنده عن أسير بن جابر قال: كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم قال: لك والدة؟ قال: نعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل؛ فاستغفر لي فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس قال: تركته رث البيت قليل المتاع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فأتى أويسًا فقال: استغفر لي قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح فاستغفر لي قال: استغفر لي قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي قال: لقيت عمر قال: نعم فاستغفر له ففطن له الناس فانطلق على وجهه قال أسير وكسوته بردة فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة.
ونَادَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ صِفِّينَ: فقال: أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ خَيْرِ التَّابِعِينَ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ.


عبادته:

لكل من يريد الوصول إلى الله عز وجل طريقًا يلتمس فيه القرب من الله، وما يميزه عن غيره، فالبعض اتخذ قيام الليلة وسيلة القرب إلى الله، والبعض الآخر اتخذ الاستغفار بالأسحار الطريق الذي ينتهي به إلى حب الله، والبعض اتخذ التفكر وسيلة القرب من الله، ولم يكن أويس القرني كعامة الناس يحيا ولا يفكر إلا في طعامه وشرابه؛ لكنه فهم حقيقة هذه الدنيا، وأدان نفسه وعمل لما بعد الموت، وكان يغلب على أويس القرني التفكر في مخلوقات الله لتنتهي به إلى حب خالقها، ولما قدم هرم بن حيان الكوفة سأل عن أويس فقيل له: هو يألف موضعًا من الفرات يقال له: العريض بين الجسر والعاقل ومن صفته كذا فمضى هرم حتى وقف عليه فإذا هو جالس ينظر إلى الماء ويفكر وكانت عبادة أويس الفكرة.
انعكست عبادة أويس القرني على سلوكه، مما أثر إيجابًا في الآخرين، فقد كان التأثير بسلوكه أكثر منه بقوله، فهو المتواضع لربه، البار بأمه، ومع ذلك فكان دائم النصح والتوجيه للآخرين، قائمًا بالحق رغم معادة الآخرين له ورميه بعظائم الأمور إلا أن ذلك لم يمنعه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومما يروى في هذا الصدد أن رجلاً من "مراد" جاءه وقال له: السلام عليكم قال: وعليكم قال: كيف أنت يا أويس؟ قال: بخير نحمد الله قال: كيف الزمان عليكم؟ قال: ما تسأل رجلا إذا أمسى لم ير أنه يصبح، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي، يا أخا مراد، إن الموت لم يُبق لمؤمن فرحًا يا أخا مراد، إن معرفة المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة وذهبًا، يا أخا مراد، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يُبق له صديقًا والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذونا أعداءً ويجدون على ذلك من الفساق أعوانًا حتى والله لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحق..


بذل النصيحة:

ولما طلب منه هرم بن حيان أن يوصيه قال له: قرأ عليه آيات من آخر حم الدخان من قوله: "إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين" حتى ختمها ثم قال له: يا هرم، احذر ليلة صبيحتها القيامة ولا تفارق الجماعة فتفارق دينك ما زاده عليه..
وكان يخاطب أهل الكوفة قائلاً لهم: يا أهل الكوفة توسدوا الموت إذا نمتم، واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم.


عفوه وصفحه عن الآخرين:

عاش أويس القرني بين الناس وهم يرمونه بالحجر فلا يجدون منه إلا أطيب الثمر، وكان يد الأذى تناله إلا أنه كان دائمًا ما يعفو ويصفح، وكان يجالسهم ويحدثهم رغم ما يصيبه من أذى ألسنتهم ويقول أسير بن جابر: كان محدث يتحدث بالكوفة فإذا فرغ من حديثه تفرقوا ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدًا يتكلم بكلامه فأحببته؛ ففقدته فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلاً كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه؛ ذاك أويس القرني قلت: أو تعرف منزله قال: نعم فانطلقت معه حتى جئت حجرته فخرج إلي فقلت: يا أخي ما حبسك عنا فقال: العري. قال: وكان أصحابه يسخرون منه ويؤذونه قال: قلت: خذ هذا البرد فالبسه قال: لا تفعل فإنهم يؤذونني قال: فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم فقالو: من ترى خدع عن برده هذا فجاء فوضعه وقال: قد ترى فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل قد آذيتموه الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة وأخذتهم بلساني..

وفاته:

خرج أويس القرني مع سيدنا علي كرم الله وجهه في موقعة صفين، وتمنى الشهادة ودعا الله قائلاً: اللهم ارزقني شهادة توجب لي الحياة والرزق. وقاتل بين يدي سيدنا علي حتى استشهد فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة، وكان ذلك سنة 37 هـ في وقعة صفين.

سلمة بن دينار المدني

هو سلمة بن دينار المدني الزاهد التمّار القاصّ مولى الأسود ابن سفيان المخزومي، اشتهر بأبي حازم الأعرج، ولد في أيام ابن الزبير، من عُباد أهل المدينة وزهادهم ممن كان يتقشف ويلزم الورع الخفي والتخلي بالعبادة ورفض الناس وما هم فيه، وأعده الذهبي من طبقة التابعين الرابعة. 

من أخذ عنهم ومن سمعوا منه
أخذ من سهل بن سعد وعطاء بن أبي رباح والنعمان بن أبي عياش وسمع من زيد بن أسلم وكان يقول: لقد رأيتنا في حلقة زيد بن أسلم أربعين فقيها أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا.

وقال أبو زرعة: لَمْ يسمع من صحابيّ إلاّ من سهل بن سعد. وسمع منه مالك والثوري وابن عيينة. 

أصله من فارس، وعاش في المدينة وكان يقص بها، وزار والشام، وقدم على عمر بن عبد العزيز بخناصرة بالشام. 

أهم ملامح شخصيته
الحكمة

قال أبو نعيم في حلية الأولياء عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: ما رأيت أحدا الحكمة أقرب إلى فيه من أبي حازم. 

ومما يوحي إ‘لينا بحكمته ما جاء عنه لما سأله رجل قائلاً يا أبا حازم: ما شكر العينين؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنته، وإن رأيت بهما شرًا سترته. قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت خيرًا وعيته، وإن سمعت بهما شرًا أخفيته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقا لله هو فيهما. قال: فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا وأعلاه علمًا. قال: فما شكر الفرج؟ قال: كما قال الله : "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون". قال: ما شكر الرجلين؟ قال: إن رأيت خيرًا غبطته استعملت بهما عمله، وإن رأيت شرًا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله ، فأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كرجل له كساء يأخذ بطرفه ولم يلبسه فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر. 

الزهد في الدنيا
عن عون بن عبد الله يقول ما رأيت أحدًا يفرفر الدنيا فرفرة هذا الأعرج يعني أبا حازم. 

قال أبو حازم قاتل هواك أشد ممن تقاتل عدوك.

قال رجل لأبي حازم إنك متشدد فقال أبو حازم وما لي لا أتشدد وقد ترصدني أربعة عشر عدوا أما أربعة فشيطان يفتنني ومؤمن يحسدني وكافر يقتلني ومنافق يبغضني وأما العشرة فمنها الجوع والعطش والحر والبرد والعري والهرم والمرض والفقر والموت والنار ولا أطيقهن إلا بسلاح تام ولا أجد لهن سلاحا أفضل من التقوى. 

وكان يتقشف ويلزم الورع الخفي والتخلي بالعبادة. 

الجرأة في الحق
ومما يدل على جرأته في قول الحق موقفه مع سليمان بن عبد الملك وقد دخل المدينة زائرًا بعد أن قضى مناسك حجه فسأل عمن أدرك أحدًا من أصحاب النبي فقالوا: نعم أبو حازم؛ فأرسل إليه فلما أتاه قال: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء؟ قال: وأي جفاء رأيت مني يا أمير المؤمنين؟ قال: وجوه الناس أتوني ولم تأتني قال: والله ما عرفتني قبل هذا ولا أنا رأيتك فأي جفاء رأيت مني؟ فالتفت سليمان إلى الزهري فقال: أصاب الشيخ وأخطأت أنا فقال: يا أبا حازم، مالنا نكره الموت؟ فقال: عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة؛ فتكرهون الخروج من العمران إلى الخراب قال: صدقت فقال: يا أبا حازم، ليت شعري مالنا عند الله تعالى غدًا؟ قال: اعرض عملك على كتاب الله قال: وأين أجده من كتاب الله تعالى؟ قال: قال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} قال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال أبو حازم: قريبٌ من المحسنين قال سليمان: ليت شعري كيف العرض على الله غدًا؟ قال أبو حازم: أما المحسن كالغائب يقدم على أهله، وأما المسيء كالآبق يقدم به على مولاه؛ فبكى سليمان حتى علا نحيبه واشتد بكاؤه فقال: يا أبا حازم، كيف لنا أن نصلح؟ قال: تدعون عنكم الصلف، وتمسكوا بالمروءة، وتقسموا بالسوية، وتعدلوا في القضية، قال: يا أبا حازم، وكيف المأخذ من ذلك؟ قال: تأخذه بحقه وتضعه بحقه في أهله، قال: يا أبا حازم، مَنْ أفضل الخلائق؟ قال: أولوا المروءة والنهى، قال: فما أعدل العدل؟ قال: كلمة صدق عند من ترجوه وتخافه قال: فما أسرع الدعاء إجابة؟ قال: دعاء المحسن للمحسنين قال: فما أفضل الصدقة؟ قال: جهد المقل إلى يد البائس الفقير لا يتبعها مَنّ ولا أذى قال: يا أبا حازم، من أكيس الناس؟ قال: رجل ظفر بطاعة الله تعالى فعمل بها، ثم دل الناس عليها قال: فمن أحمق الخلق؟ قال: رجل اغتاظ في هوى أخيه وهو ظالم له فباع آخرته بدنياه قال: يا أبا حازم، هل لك أن تصحبنا وتصيب منا ونصيب منك؟ قال: كلا قال: ولم؟ قال: إني أخاف أن أركن إليكم شيئا قليلاً فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا يكون لي منه نصيرًا، قال: يا أبا حازم، ارفع إلي حاجتك قال: نعم تدخلن الجنة وتخرجني من النار قال: ليس ذاك إلي قال: فما لي حاجة سواها قال: يا أبا حازم، فادع الله لي قال: نعم اللهم إن كان سليمان من أوليائك فيسره لخير الدنيا والآخرة، وإن كان من أعدائك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى قال سليمان: قط! قال أبو حازم: قد أكثرت وأطنبت إن كنت أهله، وإن لم تكن أهله فما حاجتك أن ترمي عن قوس ليس لها وتر قال سليمان: يا أبا حازم، ما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: بل نصيحة تلقيها إلي قال: إن آباءك غصبوا الناس هذا الأمر فأخذوه عنوة بالسيف من غير مشورة ولا اجتماع من الناس، وقد قتلوا فيه مقتلة عظيمة وارتحلوا فلو شعرت ما قالوا وقيل لهم، فقال رجل من جلسائه: بئس ما قلت قال أبو حازم: كذبت إن الله تعالى أخذ على العلماء الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه قال: يا أبا حازم أوصني، قال: نعم سوف أوصيك وأوجز نزه الله تعالى وعظمه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك، ثم قام فلما ولي قال: يا أبا حازم، هذه مائة دينار أنفقها ولك عندي أمثالها كثير فرمى بها وقال: والله ما أرضاها لك فكيف أرضاه لنفسي؟ أني أعيذك بالله أن يكون سؤالك إياي هزلاً وردي عليك بذلاً، إن موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام لما ورد ماء مدين قال: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فسأل موسى u ربه ولم يسأل الناس، ففطنت الجاريتان ولم تفطن الرعاة لما فطنتا إليه، فأتيا أباهما وهو شعيب u فأخبرتاه خبره قال شعيب: ينبغي أن يكون هذا جائعًا ثم قال لإحداهما: اذهبي ادعيه فلما أتته أعظمته وغطت وجهها ثم قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك فلما قالت: ليجزيك أجر ما سقيت لنا كره موسى u ذلك وأراد أن لا يتبعها ولم يجد بدًا من أن يتبعها لأنه كان في أرض مسبعة وخوف فخرج معها، فكانت الرياح تضرب ثوبها؛ فتصف لموسى u عجزها فيغض مرة ويعرض أخرى فقال: يا أمة الله كوني خلفي، فدخل موسى إلى شعيب عليهما السلام والعشاء مهيأ فقال: كل فقال موسى u: لا قال شعيب: ألست جائعًا؟ قال: بلى ولكني من أهل بيت لا يبيعون شيئًا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبًا، أخشى أن يكون هذا أجر ما سقيت لهما قال شعيب u: لا يا شاب، ولكن هذه عادتي وعادة آبائي قرى الضيف، وإطعام الطعام قال: فجلس موسى u فأكل، فإن كانت هذه المائة دينار عوضًا عما حدثتك فالميتة والدم ولحم الخنزير في حال الاضطرار أحل منه، وإن كان من مال المسلمين فلي فيها شركاء ونظراء إن وازيتهم وإلا فلا حاجة لي فيها، إن بني إسرائيل لم يزالوا على الهدى والتقى حيث كانت أمراؤهم يأتون الى علمائهم رغبة في علمهم، فلما نكسوا ونفسوا وسقطوا من عين الله تعالى وآمنوا بالجبت والطاغوت كان علماؤهم يأتون إلى أمرائهم ويشاركونهم في دنياهم وشركوا معهم في قتلهم قال ابن شهاب: يا أبا حازم، إياي تعني أو بي تعرض؟ قال: ما إياك اعتمدت؛ ولكن هو ما تسمع؟ قال سليمان: يا ابن شهاب، تعرفه قال: نعم جاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته كلمة قط قال أبو حازم: إنك نسيت الله فنسيتني، ولو أحببت الله تعالى لأحببتني قال ابن شهاب: يا أبا حازم، تشتمني قال سليمان: ما شتمك، ولكن شتمتك نفسك أما علمت أن للجار على الجار حقًا كحق القرابة، فلما ذهب أبو حازم قال رجل من جلساء سليمان: يا أمير المؤمنين تحب أن يكون الناس كلهم مثل أبي حازم قال: لا. 

القناعة والرضا بما قسمه الله
جاء في حلية الأولياء لأبي نعيم أن سفيان بن عيينة قال: كتب أمير المؤمنين إلى أبي حازم ارفع إلي حاجتك، قال: هيهات، رفعت حاجتي إلى من لا يختزن الحوائج، فما أعطاني منها قنعت، وما أمسك عني منها رضيت. 

وكان زاهدًا لا يأتي الأمراء ولا يغشاهم حتى لا يكون ذلك سببًا في الإقبال على دنياهم بل فضل الترفع والزهد في دنياهم، ولقد أرسل بعض الأمراء إلى أبي حازم فأتاه وعنده الإفريقي والزهري وغيرهما فقال له: تكلم يا أبا حازم فقال: أبو حازم: إن خير الأمراء من أحب العلماء وإن شر العلماء من أحب الأمراء، وكان فيما مضى إذا بعث الأمراء إلى العلماء لم يأتوهم وإذا أعطوهم لم يقبلوا منهم وإذا سألوهم لم يرخصوا لهم، وكان الأمراء يأتون العلماء في بيوتهم فيسألونهم وكان في ذلك صلاح للأمراء وصلاح للعلماء، فلما رأى ذلك ناس من الناس قالو: ما لنا لا نطلب العلم حتى يكون مثل هؤلاء فطلبوا العلم فأتوا الأمراء فحدثوهم فرخصوا لهم وأعطوهم فقبلوا منهم، فجرأت العلماء على الأمراء وجرأت الأمراء على العلماء". 

اليقين التام في الله وحسن التوكل عليه
ولقد كان أبو حازم شديد اليقين بالله وقد قال الله: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فالرزق شيء تكفل الله به فلم يشغل أبو حازم به نفسه بل شغل نفسه بالعبادة والعلم، ولما شكا إليه الناس قائلين له: يا أبا حازم أما ترى قد غلا السعر؟ فقال: وما يغمكم من ذلك؟ إن الذي يرزقنا في الرخص هو الذي يرزقنا في الغلاء". 

وجاء في حلية الأولياء لأبي نعيم "قيل لأبي حازم: يا أبا حازم ما مالك؟ قال ثقتي بالله تعالى وإياسي مما في أيدي الناس". 

ومر أبو حازم بأبي جعفر المديني وهو مكتئب حزين "فقال: مالي أراك مكتئبا حزينًا وإن شئت أخبرتك قال: أخبرني ما وراءك؟ قال: ذكرت ولدك من بعدك قال: نعم قال: فلا تفعل فإن كانوا لله أولياء فلا تخف عليهم الضيعة، وإن كانوا لله أعداء فلا تبال ما لقوا بعدك".

احترام العلم والعلماء
ومما يدل علي احترامه للعلماء، قال الزهري لسليمان بن هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء قال: وما عسيت أن أقول في العلماء إلا خيرًا، إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا، ولم يستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم، فلما رأوا ذلك قدموا بعلمهم إلى أهل الدنيا، ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئًا إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة فقال الزهري: وإنه لجاري وما علمت أن هذا عنده قال: صدق أما أني لو كنت غنيًا عرفتني".

خوفه وخشيته
يروى أن أبا حازم شهد جنازة فوقف على شفير القبر فجعل ينظر إليه ثم رفع رأسه فقال لبعض أصحابه: ما ترى؟ قال: أرى حفرة يابسة وأرى جنادل قال أبو حازم: أما والله لتحمدنه إلى نفسك أو لتكونن معيشتك فيه معيشة ضنكًا فبكى بكاءًا شديد. 

وكان يقول: لو نادى مناد من السماء بأمن أهل الأرض من دخول النار لحق عليهم الوجل من حضور ذلك الموقف ومعاينة ذلك اليوم ثم أنشد قائلاً: 

الدهر أدبني والصبر رباني *** والقوت أقنعني واليأس أغناني

وأحكمتني من الأيام تجربة *** حتى نهيت الذي كان ينهاني

بذل النصيحة
نصيحة من الأعرج للإمام الزهري

كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك أصبحت شيخا كبيرا وقد أثقلتك نعم الله عليك فيما أصح من بدنك وأطال من عمرك وعلمت حجج الله تعالى مما علمك من كتابه وفقهك فيه من دينه وفهمك من سنة نبيه فرمى بك في كل نعمة أنعمها عليك وكل حجة يحتج بها عليك الغرض الأقصى ابتلى في ذلك شكرك وابدأ فيه فضله عليك وقد قال {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} فانظر أي رجل تكون، إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها؟ وعن حججه عليك كيف قضيتها؟ فلا تحسبن الله راضيًا منك بالتعذير، ولا قابلاً منك التقصير، هيهات ليس ذاك أخذ على العلماء في كتابه إذ قال: لتبيننه للناس ولا تكتمونه، إنك تقول إنك جدل ماهر عالم، قد جادلت الناس فجدلتهم وخاصمتهم فخصمتهم إدلالاً منك بفهمك واقتدارا منك برأيك فأين تذهب عن قول الله : {هَأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} اعلم أن أدنى ما ارتكبت وأعظم ما احتقبت أن آنست الظالم، وسهلت له طريق الغي بدنوك حين أدنيت، وإجابتك حين دعيت، فما أخلقك أن ينوه غدًا باسمك مع الجرمة وأن تسأل عما أردت باغضائك عن ظلم الظلمة، إنك أخذت ما ليس لمن أعطاك جعلوك قطبًا تدور عليه رحى باطلهم، وجسرًا يعبرون بك إلى بلائهم وسلمًا إلى ضلالتهم، يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم لهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم، واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسئول، وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرًا وكبيرًا؟ وانظر كيف إعظامك أمر من جعلك بدينه في الناس مبجلاً؟ وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته مستترًا؟ وكيف قربك وبعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبًا؟ مالك لا تتنبه من نعستك، وتستقيل من عثرتك، فتقول: والله ما قمت لله مقامًا واحدًا أحيي له فيه دينًا ولا أميت له فيه باطلاً، أين شكرك لمن استحملك كتابه واستودعك علمه؟ ما يؤمنك أن تكون من الذين قال الله : {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} إنك لست في دار مقام قد أوذنت بالرحيل، فما بقاء المرء بعد أقرانه طوبى لمن كان في الدنيا على وجل ما يؤمن من أن يموت وتبقى ذنوبه من بعده، إنك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلاً أن ترد له على ظهرك، ذهبت اللذة وبقيت التبعة، ما أشقى من سعد بكسبه غيره، احذر فقد أتيت، وتخلص فقد وهلت، إنك تعامل من لا يجهل والذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز فقد دنا منك سفر بعيد، وداو دينك فقد دخله سقم شديد، ولا تحسبن أني أردت توبيخك وتعييرك وتعنيفك ولكني أردت أن تنعش ما فات من رأيك وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرت قوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب، فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به، أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه؟ وهل تراه دخر لك خيرًا منعوه، أو علمك شيئًا جهلوه؟ فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك، فمن يلوم الحدث في سنه الجاهل في علمه المأفون في رأيه المدخول في عقله، ونحمد الذي عافانا مما ابتلاك به والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. 

من كلماته
قال أبو حازم: نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب، ونحن لا نتوب حتى نموت! واعلم: أنك إذا مت لم ترفع الأسواق بموتك إن شأنك صغير فاعرف نفسك.

وقال: ليس للملوك صديق ولا للحسود راحة والنظر في العواقب تلقيح للعقول. 

وقال: لا تعادين رجلاً ولا تناصبنه حتى تنظر إلى سريرته بينه وبين الله، فإن لم تكن له سريرة حسنة فإن الله لم يكن ليخذله بعداوتك له، وإن كانت له سريرة رديئة فقد كفاك مساوئه، ولو أردت أن تعمل به أكثر من معاصي الله لم تقدر. 

وقال أبو حازم: يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة، فإنك تجد الرجل يشغل نفسه بهم غيره حتى لهو أشد اهتمامًا من صاحب الهم بهم نفسه. 

قال أبو حازم: كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية. 

قال أبو حازم: ينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظًا للسانه منه لموضع قدميه. 

موقف الوفاة
قال محمد بن مطرف: دخلنا على أبي حازم الأعرج لما حضره الموت فقلنا: يا أبا حازم، كيف تجدك؟ قال: أجدني بخير، أجدني راجيًا لله حسن الكلف به، ثم قال: إنه والله ما يستوي من غدا أو راح يعمر عقد الآخرة لنفسه فيقدمها أمامه قبل أن ينزل به الموت حتى يقدم عليها فيقوم لها وتقوم له، ومن غدا أو راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره ويرجع إلى الآخرة لا حظ له فيها ولا نصيب. 

وقال أبو حازم لما حضره الموت: ما آسي على شيء فاتني من الدنيا إلا على ذكر الله، وإن هذا الليل والنهار لا يأتيان على شيء إلا أخلفاه، وفي الموت راحة للمؤمنين ثم قرأ {وما عند الله خير للأبرار}.

الاثنين، 1 أغسطس 2016

تفسير آية الكرسي.


اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)

هذه آية الكرسي ولها شأن عظيم قد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل آية في كتاب الله . قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن سعيد الجريري عن أبي السليل عن عبد الله بن رباح ، عن أبي هو ابن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله : " أي آية في كتاب الله أعظم " ؟ قال : الله ورسوله أعلم . فرددها مرارا ثم قال أبي : آية الكرسي . قال : " ليهنك العلم أبا المنذر ، والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش " وقد رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري به ، وليس عنده زيادة : " والذي نفسي بيده . . . " إلخ .
حديث آخر : عن أبي أيضا في فضل آية الكرسي ، قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا مبشر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن أبي بن كعب : أن أباه أخبره : أنه كان له جرن فيه تمر قال : فكان أبي يتعاهده فوجده ينقص قال : فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبيه الغلام المحتلم قال : فسلمت عليه فرد السلام . قال : فقلت : ما أنت ، جني أم إنسي ؟ قال : جني . قلت : ناولني يدك . قال : فناولني ، فإذا يد كلب وشعر كلب . فقلت : هكذا خلق الجن ؟ قال : لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني ، قلت : فما حملك على ما صنعت ؟ قال : بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك . قال : فقال له فما الذي يجيرنا منكم ؟ قال : هذه الآية : آية الكرسي . ثم غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صدق الخبيث " .
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي داود الطيالسي عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق ، عن محمد بن عمرو بن أبي بن كعب عن جده به . وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عثمان بن غياث قال : سمعت أبا السليل قال : كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الناس حتى يكثروا عليه فيصعد على سطح بيت فيحدث الناس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي آية في القرآن أعظم ؟ " فقال رجل :
( الله لا إله إلا هو ) قال : فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، أو قال : فوضع يده بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي وقال : " ليهنك العلم يا أبا المنذر " .
حديث آخر : عن الأسفع البكري . قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أبو يزيد القراطيسي حدثنا يعقوب بن أبي عباد المكي حدثنا مسلم بن خالد ، عن ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء أن مولى ابن الأسفع رجل صدق أخبره عن الأسفع البكري : أنه سمعه يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في صفة المهاجرين فسأله إنسان : أي آية في القرآن أعظم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) حتى انقضت الآية . .
حديث آخر : عن أنس قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن الحارث حدثني سلمة بن وردان أن أنس بن مالك حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من صحابته فقال : " أي فلان هل تزوجت " ؟ قال : لا وليس عندي ما أتزوج به . قال : " أوليس معك : ( قل هو الله أحد ) " ؟ قال : بلى . قال : " ربع القرآن . أليس معك : ( قل ياأيها الكافرون ) " ؟ قال : بلى . قال : " ربع القرآن . أليس معك ( إذا زلزلت ) " ؟ قال : بلى . قال : " ربع القرآن . أليس معك : ( إذا جاء نصر الله [ والفتح ] ) " ؟ قال : بلى . قال : " ربع القرآن . أليس معك آية الكرسي : ( الله لا إله إلا هو ) " ؟ قال : بلى . قال : " ربع القرآن " .
حديث آخر : عن أبي ذر جندب بن جنادة قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع بن الجراح حدثنا المسعودي أنبأني أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست . فقال : " يا أبا ذر هل صليت ؟ " قلت : لا . قال : " قم فصل " قال : فقمت فصليت ثم جلست فقال : " يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " قال : قلت : يا رسول الله أوللإنس شياطين ؟ قال : " نعم " قال : قلت : يا رسول الله الصلاة ؟ قال : " خير موضوع ، من شاء أقل ومن شاء أكثر " . قال : قلت : يا رسول الله فالصوم ؟ قال : " فرض مجزئ وعند الله مزيد " قلت : يا رسول الله فالصدقة ؟ قال : " أضعاف مضاعفة " . قلت : يا رسول الله فأيها أفضل ؟ قال : " جهد من مقل أو سر إلى فقير " قلت : يا رسول الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال : " آدم " قلت : يا رسول الله ونبي كان ؟ قال : " نعم نبي مكلم " قال : قلت : يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال : " ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا " وقال مرة : " وخمسة عشر " قال : قلت : يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم ؟ قال : " آية الكرسي : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) " ورواه النسائي .
حديث آخر : عن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري ، رضي الله عنه وأرضاه قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن أخيه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب : أنه كان في سهوة له ، وكانت الغول تجيء فتأخذ فشكاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم : فقال : " فإذا رأيتها فقل : باسم الله أجيبي رسول الله " . قال : فجاءت فقال لها : فأخذها فقالت : إني لا أعود . فأرسلها فجاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ما فعل أسيرك ؟ " قال : أخذتها فقالت لي : إني لا أعود ، إني لا أعود . فأرسلتها ، فقال : " إنها عائدة " فأخذتها مرتين أو ثلاثا كل ذلك تقول : لا أعود . وأجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " ما فعل أسيرك ؟ " فأقول : أخذتها فتقول : لا أعود . فيقول : " إنها عائدة " فأخذتها فقالت : أرسلني وأعلمك شيئا تقوله فلا يقربك شيء : آية الكرسي ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " صدقت وهي كذوب " .
ورواه الترمذي في فضائل القرآن عن بندار عن أبي أحمد الزبيري به ، وقال : حسن غريب .
وقد ذكر البخاري هذه القصة عن أبي هريرة فقال في كتاب " فضائل القرآن " وفي كتاب " الوكالة " وفي " صفة إبليس " من صحيحه : قال عثمان بن الهيثم أبو عمرو حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة . قال : فخليت عنه . فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ "قال : قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته وخليت سبيله . قال : " أما إنه قد كذبك وسيعود " فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه سيعود " فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود . فرحمته وخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ " قلت : يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله . قال : " أما إنه قد كذبك وسيعود " فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود . فقال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها . قلت : ما هن . قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح . فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فعل أسيرك البارحة ؟ " قلت : يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله . قال : " ما هي ؟ " قال : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح . وكانوا أحرص شيء على الخير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما إنه صدقك وهو كذوب . تعلم من تخاطب مذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ " قلت : لا قال : " ذاك شيطان " .
كذا رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم وقد رواه النسائي في " اليوم والليلة " عن إبراهيم بن يعقوب عن عثمان بن الهيثم فذكره وقد روي من وجه آخر عن أبي هريرة بسياق آخر قريب من هذا فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره :
حدثنا محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار ، حدثنا أحمد بن زهير بن حرب أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا إسماعيل بن مسلم العبدي أخبرنا أبو المتوكل الناجي : أن أبا هريرة كان معه مفتاح بيت الصدقة وكان فيه تمر فذهب يوما ففتح الباب فوجد التمر قد أخذ منه ملء كف ودخل يوما آخر فإذا قد أخذ منه ملء كف ثم دخل يوما آخر ثالثا فإذا قد أخذ منه مثل ذلك . فشكا ذلك أبو هريرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " تحب أن تأخذ صاحبك هذا ؟ " قال : نعم . قال : " فإذا فتحت الباب فقل : سبحان من سخرك لمحمد " فذهب ففتح الباب فقال : سبحان من سخرك لمحمد . فإذا هو قائم بين يديه قال : يا عدو الله أنت صاحب هذا ؟ قال : نعم دعني فإني لا أعود ما كنت آخذا إلا لأهل بيت من الجن فقراء ، فخلى عنه ثم عاد الثانية ثم عاد الثالثة . فقلت : أليس قد عاهدتني ألا تعود ؟ لا أدعك اليوم حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تفعل ، فإنك إن تدعني علمتك كلمات إذا أنت قلتها لم يقربك أحد من الجن صغير ولا كبير ذكر ولا أنثى قال له : لتفعلن ؟ قال : نعم . قال : ما هن ؟ قال : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) قرأ آية الكرسي حتى ختمها فتركه فذهب فأبعد فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما علمت أن ذلك كذلك ؟ ".
وقد رواه النسائي عن أحمد بن محمد بن عبيد الله عن شعيب بن حرب عن إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي هريرة به ، وقد تقدم لأبي بن كعب كائنة مثل هذه أيضا فهذه ثلاث وقائع .
قصة أخرى : قال أبو عبيد في كتاب " الغريب " : حدثنا أبو معاوية عن أبي عاصم الثقفي عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال : خرج رجل من الإنس فلقيه رجل من الجن فقال : هل لك أن تصارعني ؟ فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخل شيطان ؟ فصارعه فصرعه فقال : إني أراك ضئيلا شخيتا كأن ذراعيك ذراعا كلب ، أفهكذا أنتم أيها الجن كلكم أم أنت من بينهم ؟ فقال : إني بينهم لضليع فعاودني ، فصارعه فصرعه الإنسي . فقال : تقرأ آية الكرسي فإنه لا يقرؤها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان وله خبج كخبج الحمار .
فقيل لابن مسعود : أهو عمر ؟ فقال : من عسى أن يكون إلا عمر .
قال أبو عبيد : الضئيل : النحيف الجسم ، والخبج بالخاء المعجمة ويقال : بالحاء المهملة : الضراط .
حديث آخر عن أبي هريرة : قال الحاكم أبو عبد الله في مستدركه : حدثنا علي بن حمشاذ ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثني حكيم بن جبير الأسدي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سورة البقرة فيها آية سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه ! آية الكرسي " .
وكذا رواه من طريق أخرى عن زائدة عن حكيم بن جبير ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . كذا قال ، وقد رواه الترمذي من حديث زائدة [ به ] ولفظه : " لكل شيء سنام ، وسنام القرآن سورة البقرة ، وفيها آية هي سيدة آي القرآن : آية الكرسي " . ثم قال : غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير ، وقد تكلم فيه شعبة وضعفه .
قلت : وكذا ضعفه أحمد ويحيى بن معين وغير واحد من الأئمة وتركه ابن مهدي وكذبه السعدي .
حديث آخر : قال ابن مردويه : حدثنا عبد الباقي بن نافع ، أخبرنا عيسى بن محمد المروزي ، أخبرنا عمر بن محمد البخاري ، أخبرنا أبي ، أخبرنا عيسى بن موسى غنجار ، عن عبد الله بن كيسان ، أخبرنا يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب : أنه خرج ذات يوم إلى الناس وهم سماطات فقال : أيكم يخبرني بأعظم آية في القرآن ؟ فقال ابن مسعود : على الخبير سقطت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أعظم آية في القرآن : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) .
حديث آخر في اشتماله على اسم الله الأعظم : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن بكر ، أخبرنا عبيد الله بن أبي زياد ، حدثنا شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) و ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم )[ آل عمران : 1 ، 2 ] " إن فيهما اسم الله الأعظم " .
وكذا رواه أبو داود عن مسدد ، والترمذي عن علي بن خشرم ، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، ثلاثتهم عن عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد به ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
حديث آخر في معنى هذا عن أبي أمامة رضي الله عنه : قال ابن مردويه : أخبرنا عبد الرحمن بن نمير ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ، أخبرنا هشام بن عمار ، أخبرنا الوليد بن مسلم ، أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زيد : أنه سمع القاسم بن عبد الرحمن يحدث عن أبي أمامة يرفعه قال : " اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث : سورة البقرة وآل عمران وطه " وقال هشام وهو ابن عمار خطيب دمشق : أما البقرة ف ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) وفي آل عمران : ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) وفي طه :( وعنت الوجوه للحي القيوم ) [ طه : 111 ] .
حديث آخر عن أبي أمامة في فضل قراءتها بعد الصلاة المكتوبة : قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن محرز بن مساور الأدمي ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن ، أخبرنا الحسين بن بشر بطرسوس ، أخبرنا محمد بن حمير ، أخبرنا محمد بن زياد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت " .
وهكذا رواه النسائي في " اليوم والليلة " عن الحسين بن بشر به ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث محمد بن حمير وهو الحمصي من رجال البخاري أيضا ، فهو إسناد على شرط البخاري ، وقد زعم أبو الفرج بن الجوزي أنه حديث موضوع فالله أعلم . وقد روى ابن مردويه من حديث علي والمغيرة بن شعبة وجابر بن عبد الله نحو هذا الحديث . ولكن في إسناد كل منها ضعف .
وقال ابن مردويه أيضا : حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري ، أخبرنا يحيى بن درستويه المروزي ، أخبرنا زياد بن إبراهيم ، أخبرنا أبو حمزة السكري ، عن المثنى ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه السلام أن اقرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة ؛ فإنه من يقرأها في دبر كل صلاة مكتوبة أجعل له قلب الشاكرين ولسان الذاكرين وثواب المنيبين وأعمال الصديقين ، ولا يواظب على ذلك إلا نبي أو صديق أو عبد امتحنت قلبه للإيمان أو أريد قتله في سبيل الله " وهذا حديث منكر جدا .
حديث آخر في أنها تحفظ من قرأها أول النهار وأول الليل : قال أبو عيسى الترمذي : حدثنا يحيى بن المغيرة أبو سلمة المخزومي المديني ، أخبرنا ابن أبي فديك ، عن عبد الرحمن المليكي ، عن زرارة بن مصعب ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ : ( حم )المؤمن إلى : ( إليه المصير ) وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح " ثم قال : هذا حديث غريب ، وقد تكلم بعض أهل العلم في عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة المليكي من قبل حفظه .
وقد ورد في فضيلتها أحاديث أخر تركناها اختصارا لعدم صحتها وضعف أسانيدها كحديث على قراءتها عند الحجامة : أنها تقوم مقام حجامتين ، وحديث أبي هريرة في كتابتها في اليد اليسرى بالزعفران سبع مرات وتلحس للحفظ وعدم النسيان ، أوردهما ابن مردويه وغير ذلك . وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة .
فقوله : ( الله لا إله إلا هو ) إخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق ) الحي القيوم ) أي : الحي في نفسه الذي لا يموت أبدا القيم لغيره ، وكان عمر يقرأ : " القيام " فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غني عنها ، ولا قوام لها بدون أمره كقوله : ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) [ الروم : 25 ] وقوله : ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) أي : لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه بل هو قائم على كل نفس بما كسبت شهيد على كل شيء لا يغيب عنه شيء ولا يخفى عليه خافية ، ومن تمام القيومية أنه لا يعتريه سنة ولا نوم ، فقوله : ( لا تأخذه ) أي : لا تغلبه سنة وهي الوسن والنعاس ولهذا قال : ( ولا نوم ) لأنه أقوى من السنة . وفي الصحيح عن أبي موسى قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات فقال : " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل ، وعمل الليل قبل عمل النهار ، حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، أخبرني الحكم بن أبان ، عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله : ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) أن موسى عليه السلام سأل الملائكة هل ينام الله عز وجل ؟ فأوحى الله إلى الملائكة وأمرهم أن يؤرقوه ثلاثا فلا يتركوه ينام ففعلوا ثم أعطوه قارورتين فأمسكهما ثم تركوه وحذروه أن يكسرهما . قال : فجعل ينعس وهما في يده في كل يد واحدة قال : فجعل ينعس وينبه وينعس وينبه حتى نعس نعسة فضرب إحداهما بالأخرى فكسرهما . قال معمر : إنما هو مثل ضربه الله عز وجل يقول : فكذلك السماوات والأرض في يديه .
وهكذا رواه ابن جرير عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق فذكره ، وهو من أخبار بني إسرائيل ، وهو مما يعلم أن موسى عليه السلام لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله عز وجل وأنه منزه عنه .
وأغرب من هذا كله الحديث الذي رواه ابن جرير :
حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا هشام بن يوسف ، عن أمية بن شبل ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى عليه السلام على المنبر ، قال : " وقع في نفس موسى : هل ينام الله ؟ فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما " . قال : " فجعل ينام تكاد يداه تلتقيان فيستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى ، حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان " قال : " ضرب الله له مثلا عز وجل : أن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض " .
وهذا حديث غريب جدا والأظهر أنه إسرائيلي لا مرفوع ، والله أعلم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، حدثنا أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن بني إسرائيل قالوا : يا موسى هل ينام ربك ؟ قال : اتقوا الله . فناداه ربه عز وجل : يا موسى سألوك : هل ينام ربك فخذ زجاجتين في يديك فقم الليلة ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس فوقع لركبتيه ، ثم انتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا . فقال : يا موسى ، لو كنت أنام لسقطت السماوات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك . وأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي .
وقوله : ( له ما في السماوات وما في الأرض ) إخبار بأن الجميع عبيده وفي ملكه وتحت قهره وسلطانه كقوله :
( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) [ مريم : 9395 ] .
وقوله : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) كقوله : ( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) [ النجم : 26 ] وكقوله : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) [ الأنبياء : 28 ] وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع عنده إلا بإذنه له في الشفاعة كما في حديث الشفاعة : " آتي تحت العرش فأخر ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال : ارفع رأسك ، وقل تسمع ، واشفع تشفع " قال : " فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة " .
وقوله : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات : ماضيها وحاضرها ومستقبلها كقوله إخبارا عن الملائكة : ( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا ) [ مريم : 64 ] .
وقوله : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) أي : لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه . ويحتمل أن يكون المراد لا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه كقوله : ( ولا يحيطون به علما ) [ طه : 110 ] .
وقوله : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن إدريس ، عن مطرف بن طريف ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( وسع كرسيه ) قال : علمه ، وكذا رواه ابن جرير من حديث عبد الله بن إدريس وهشيم كلاهما عن مطرف بن طريف به .
قال ابن أبي حاتم : وروي عن سعيد بن جبير مثله . ثم قال ابن جرير : وقال آخرون : الكرسي موضع القدمين . ثم رواه عن أبي موسى والسدي والضحاك ومسلم البطين .
وقال شجاع بن مخلد في تفسيره : أخبرنا أبو عاصم عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) قال : " كرسيه موضع قدميه ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل " .
كذا أورد هذا الحديث الحافظ أبو بكر بن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاس ، فذكره وهو غلط ، وقد رواه وكيع في تفسيره : حدثنا سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره . وقد رواه الحاكم في مستدركه عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي عن محمد بن معاذ عن أبي عاصم عن سفيان وهو الثوري بإسناده عن ابن عباس موقوفا مثله وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد رواه ابن مردويه من طريق الحاكم بن ظهير الفزاري الكوفي وهو متروك عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ولا يصح أيضا .
وقال السدي عن أبي مالك : الكرسي تحت العرش . وقال السدي : السماوات والأرض في جوف الكرسي ، والكرسي بين يدي العرش . وقال الضحاك عن ابن عباس : لو أن السماوات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة .
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وقال ابن جرير : حدثني يونس أخبرني ابن وهب قال : قال ابن زيد : حدثني أبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس " . قال : وقال أبو ذر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض " .
وقال أبو بكر بن مردويه : أخبرنا سليمان بن أحمد أخبرنا عبد الله بن وهيب الغزي أخبرنا محمد بن أبي السري العسقلاني أخبرنا محمد بن عبد الله التميمي عن القاسم بن محمد الثقفي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة " .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا زهير حدثنا ابن أبي بكير حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة عن عمر ، رضي الله عنه قال : أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة . قال : فعظم الرب تبارك وتعالى وقال : " إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد من ثقله " .
وقد رواه الحافظ البزار في مسنده المشهور ، وعبد بن حميد وابن جرير في تفسيريهما ، والطبراني وابن أبي عاصم في كتابي السنة لهما ، والحافظ الضياء في كتاب " المختار " من حديث أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن خليفة وليس بذاك المشهور وفي سماعه من عمر نظر ، ثم منهم من يرويه عنه عن عمر موقوفا ، ومنهم من يرويه عنه مرسلا ، ومنهم من يزيد في متنه زيادة غريبة ، ومنهم من يحذفها .
وأغرب من هذا حديث جبير بن مطعم في صفة العرش كما رواه أبو داود في كتابه السنة من سننه ، والله أعلم .
وقد روى ابن مردويه وغيره أحاديث عن بريدة وجابر وغيرهما في وضع الكرسي يوم القيامة لفصل القضاء ، والظاهر أن ذلك غير المذكور في هذه الآية .
وقد زعم بعض المتكلمين على علم الهيئة من الإسلاميين : أن الكرسي عندهم هو الفلك الثامن وهو فلك الثوابت الذي فوقه الفلك التاسع وهو الفلك الأثير ويقال له : الأطلس . وقد رد ذلك عليهم آخرون .
وروى ابن جرير من طريق جويبر عن الحسن البصري أنه كان يقول : الكرسي هو العرش . والصحيح أن الكرسي غير العرش ، والعرش أكبر منه ، كما دلت على ذلك الآثار والأخبار ، وقد اعتمد ابن جرير على حديث عبد الله بن خليفة ، عن عمر في ذلك ، وعندي في صحته نظر ، والله أعلم .
وقوله : ( ولا يئوده حفظهما ) أي : لا يثقله ولا يكرثه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومن بينهما ، بل ذلك سهل عليه يسير لديه وهو القائم على كل نفس بما كسبت ، الرقيب على جميع الأشياء ، فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء والأشياء كلها حقيرة بين يديه متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه ، محتاجة فقيرة وهو الغني الحميد الفعال لما يريد ، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . وهو القاهر لكل شيء الحسيب على كل شيء الرقيب العلي العظيم لا إله غيره ولا رب سواه . فقوله : ( وهو العلي العظيم )كقوله : ( وهو [ العلي الكبير ) وكقوله ] : ( الكبير المتعال ) [ الرعد : 9 ] .
وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه .

جميع الحقوق محفوظة @ 2016 الإسلام دين الحق.